نزف القلم من حبر الدماء
فسألته
لماذا تبكي ؟
وأنت للنفس خير دواء
للقلب السعيد
وللمجروح شفاء
وللحرف للحرف نداء
قال القلم
أنا أبكي على أوراق مهملة
بعثرت عليها احباري
كتبت عليها اشعاري
ولم تقرأ
في زمن العهر
وسقم الداء
في عصر التخلف والغباء
قلت مهلاً
رويداً ... رويدا على قلبك
على
نفسك من اجل الفناء
تجهم القلم ... وصمت قليلاً
ثم بكى ثانية
وقال
هل يسعدك ما يحدث الآن
من مجازر الدماء
ألا ترى بأم عينك
ما يفعله المصري في مصر
على ركام دماء الشهداء
وما يحدث الآن في سوريا
وجثث الاطفال والشيوخ
والنساء
وجسور يعبر الحكام دروبها
من فوق تلال الجثث
الممزقة الاشلاء
ومن قصص البطولات الزائفة
عبر تاريخ العروبة في فلسطين
وتخاذل الحكام الجبناء
هل سمعت يوماً عن ابن يقتل اباه
أو يمزق جسد أمه وهي تصلي العشاء
أي زمن هذا
ومن أين تأتي الابتسامة ؟
في زمن الشقاء
أبكاني القلم من حديثه
وانطلقت من داخلي صرخة خرساء
صمت القلم قليلاً
وقال
ما الذي يبكيك يا انسان
قلت ابكاني مرارة الحرف
والأيام
وبكاء طفل نام الليل في العراء
في ليالِ الزمهرير
تحت أنين الكباري
ورصيف يحتضن الشتاء
يلتقط خبز يومه
من فم كلب جائع
من صناديق زبالة الاغنياء
من جفاف طال حلقه
بعدما عز الغذاء
من أنين في ظلام الليل يبكي
ورحيل قمر المساء
أين مني اليوم نفسي ؟
غير تراتيل الدعاء
آه يا قوم مات الضمير فيهم
في رفاهية الموائد
وتواشيح الغناء
هل خلقنا من اجل نحيا
من وريد نمتص منه الدماء
سرنا كالأنعام عقلاً
نحمل الظلم رداء
قد نسينا أن الدنيا ترحل
وكل شيء للفناء
وحساب ربي قادم
يا اباطرة البغاء
اسألوا من تحت الثرى
هل جنيتم ألا حسرة
وعذاب ينتظر الرجاء
أن يعود مرة اخرى
ويكفر عما كان
وقت لا ينفع رجاء
ساد صمتاً
نزل دمعاً
وانحنى القلم في حياء
دمعة من عين عيني
ودمعة من حبر سال
على اوراق مبعثرة
بكلمتين
لا شيء اليوم يدعو للرثاء
مات الكلام
والقلم
ولم يبقى إلا نحن
وبقايا من طهارة
في زمن العهر والبغاء
samir